تعد رواية الأمير الصغير لكاتبها أنطوان دو سانت أكزوبيري، بسيطة تروى للأطفال ولكنها ذات منحى فلسفي عميق يقدم رؤية للنظر إلى العالم بقلب مختلف مليء بالتفاؤل والمحبة والحكمة.
فالراوي الذي يقدم نفسه في البداية منذ أن كان في السادسة من عمره وقد رأى صورة أفعى البواء تلتهم وحشاً برياً في كتاب قصص حقيقية في الغابة العذراء، تحمس ورسم صورة لم يعرف البالغين سرها وظنوا أنها قبعة.
قرر بعدها الطفل ترك الرسم والأخذ بنصيحة البالغين بدراسة الحساب والتاريخ والجغرافيا والعلوم، وأصبح طياراً وإن كان قد احتفظ بالرسم الوحيد في حياته منذ أن كان في السادسة.
يأخذنا الراوي بعد ذلك، لحادثة سقوط طائرته في الصحراء ولقائه بالأمير الصغير الآتي من كويكب آخر ليدور حوار شيق فلسفي بين الطيار والأمير الطفل الصغير ليفهم الأول معاني الصداقة والحب الحقيقي والاهتمام بالآخر وتخصيص الوقت للآخرين ممن نحب.
وعلى مدار ثمانية أيام وهي المدة الزمنية التي يستغرقها الطيار لإصلاح عطل الطائرة، يروي الأمير الصغير قصة حياته للطيار ورحلاته للكويكبات الأخرى، وتعجبه لحياة الراشدين.
تندرج الرواية كعمل أدبي للأطفال ولكنها تناسب كافة الأعمار ولابد للكبار البالغين من قرائتها والتعرف على فكر ورسالة الكاتب التي لخصها في بداية روايته من خلال الإهداء، عندما قال :”أهدي هذا الكتاب للطفل الذي كأنه ذلك الراشد. فكل الراشدين سبق وأن كانوا أطفالاً (رغم أن قلة منهم فقط تتذكر ذلك!).
اتسمت ترجمة محمد التهامي العماري، باللغة العربية، بالبساطة وقوة اللغة، طبع الكتاب بمساهمة من الملحقية الثقافية لسفارة فرنسا في المغرب، للناشر المركز الثقافي العربي وصدرت الطبعة الأولى في 2011. يتوفر الكتاب باللغة العربية في مائة صفحة.
وشملت نسخة رواية الأمير الصغير، باللغة العربية، رسومات المؤلف الرائعة، ورسائل هامة منها، كثرة الأسئلة ضرورية للبحث والمعرفة، الراشدون منشغلون بأعباء الحياة اليومية بعيدون عن التأمل، تحليل فلسفة الوجود وسرعة الزمن، تفرد سمات من نحب، السعادة هي القدرة على الاستمتاع بما تملك وليس بمقدار ما تملك.
ومن أجمل ما قيل على لسان الثعلب في رواية الأمير الصغير:” لا نبصر جيداً إلا بالقلب، والشيء المهم لا تراه الأعين”.